بدأت محنة الثاني من أغسطس عام 1990 م عندما قامت وحدات عسكرية ضخمة من جيش النظام العراقي البائد بعبور الحدود الكويتية ، حيث نشبت معارك متفرقة بالقوات العراقية والجيش ، الكويتي انتهت باحتلال دولة الكويت لمدة سبعة أشهر في سابقة هي الأولى من نوعها في القرن الحالي . و قد هب المجتمع الدولي ممثلاً في مجلس الأمن الدولي منذ اللحظات الأولى للاجتياح لإدانة غزو القوات العراقية لدولة الكويت بالإجماع ، وذلك في اجتماع عاجل له بناء على دعوة دولة الكويت و الولايات المتحدة الأمريكية ، و قد طالب القرار رقم 660 و الذي أصدره المجلس في ذلك الاجتماع ، و بحضور الأمين العام آنذاك – السيد خافيير بيريز ديكويلار - العراق بسحب جميع قواته إلى موقعها ما قبل الثاني من أغسطس على الفور ودون قيد أو شرط ، و بدء المفاوضات بين البلدين لحل خلافاتهما... ولكن النظام العراقي أبى أن ينصاع للإرادة الدولية ، و أصر على موقفه زاعماً أن هذا العمل العسكري هو أمر عراقي داخلي .
و قد أبرزت محنة الغزو العراقي مدى تماسك الشعب الكويتي وصموده ، ومقاومته للاحتلال ، إلى جانب التفافـه حول حكومته وقيادته الشرعية ... فلا مساومة و لا تفاوض على سيادة دولة الكويت ، واستقلالها و سلامة ، أراضيها وهذا التماسك والوحدة أثارا إعجاب العالم بأسره .
و يستذكر الكويتيون بكل فخر و اعتزاز ، الدور الكبير الذي قام به سمو الأمير المرحوم الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح – طيب الله ثراه في استعـادة دولة الكويت لسيادتها واستقلالها و تحريرها من براثن المعتدي الآثم ، ففي الأسابيع الأولى للغزو الغاشم ، و لتنظيم الشئون الداخلية للدولة ، قام سموه- رحمه الله – بإصدار عدة أوامر و مراسيم أميرية أهمها انعقاد الحكومة بصفة مؤقتة في المملكة العربية السعودية ، و مباشرة الوزراء لأعمالهم، بالإضافة إلى رعاية و تنظيم الأمور المعيشية و المالية للعائلات الكويتية في الخارج. كما أصدر سموه رحمه الله في أكتوبر عام 1990 م ، مرسوماً يقضي بعدم الالتزام بقيمة الأوراق النقدية المسروقة من خزائن بنك الكويت المركزي ، و مرسوماً آخر يقضي بإخضاع أموال الكويتيين وغيرهم من المقيمين للحماية.
أما على الصعيد الخارجي ، فقد تعددت جهود سموه طيب الله ثراه ما بين حشد التأييد الدولي وحضور المؤتمرات والمشاركة في المحافل الدولية من جهة ، و إرساله للوفود الكويتية إلى دول العالم لإيصال صوت الحق و دعم قضية الكويت العادلة من جهة أخرى . و كانت بدايات جهود سموه رحمه الله الخارجية في المشاركة في مؤتمر القمة العربي الطارئ الذي عقد في القاهرة – جمهورية مصر العربية في 10 أغسطس عام 1990 م ، و الذي حمل فيه القادة العرب مسئولية تاريخية تجاه دولة الكويت لإنهاء الاحتلال الغاشم ، و عودة الشرعية إليها، كما وجه سموه رحمه الله رسالة إلى المؤتمر الإسلامي العالمي ، و الذي عقد في مكة المكرمة في 10 سبتمبر عام 1990 م ، شدد فيها على مبادئ الإسلام ، و ركائز الإيمان ، و التي من أهمها الوقوف مع الحق ، ورفع الظلم ، وردع الفئة الباغية .
كما خاطب سموه رحمه الله في 27 سبتمبر عام 1990 م ، ما يزيد عن ستين رئيس دولة ، و تسعين رئيس حكومة و وزيراً و سفيراً في الدورة الخامسة و الأربعين للجمعية العمومية لمنظمة الأمم المتحدة في لحظة تاريخية ، وجد خلالها تقديراً غير مسبوق من أعضاء الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة ، حيث وقف جميع الحضور و صفقوا إجلالاً وتقديراً وتأييداً لسموه و لقضية الكويت العادلة.
وشارك سموه رحمه الله أيضاً في 22 من ديسمبر من نفس العام في القمة الحادية عشرة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية ، و التي عقدت في العاصمة القطرية -الدوحة ، تحت شعار " التحرير والتغيير" ، والتي أكدت وقوف دول المجلس مع دولة الكويت ، والتزامها بتنفيذ جميع قرارات مجلس الأمن بشأن الغزو العراقي لدولة الكويت ، وإعلان إن علاقات دول المجلس مع دول العالم المختلفة ستتأثر سلباً أو إيجاباً بحسب مواقف تلك الدول من تنفيذ قرارات مجلس الأمن .
كما قام سموه رحمه الله بالعديد من الزيارات الرسمية في إطار جولات واسعة ، شملت بعض دول مجلس الأمن دائمة العضوية مثل الولايات المتحدة الأمريكية و الجمهورية الفرنسية و المملكة المتحدة و جمهورية الصين الشعبية ، لحشد التأييد لقضية دولة الكويت العادلة.
في 17 من يناير عام 1991م ، قامت الولايات المتحدة الأمريكية و الدول المتحالفة معها بتنفيذ ، التزاماتها بموجب قرار مجلس الأمن رقم 678 ، بإرغام النظام العراقي على الانسحاب من الأراضي الكويتية ، حيث بدأت حرب " عاصفة الصحراء " – و هو الاسم الذي أطلق عليها من قبل قوات التحالف الدولي - و التي أسفرت عن تحقيق القوات العسكرية هدفها بتحرير دولة الكويت في 26 فبراير عام 1991 ، وعودة الحكومة الشرعية .
وبعد تحرير دولة الكويت ألقى سموه رحمه الله كلمة بمناسبة العشر الأواخر من شهر رمضان لعام 1411 هجرية قال فيها « الحمد لله الذي جمعنا على أرضنا ولم شملنا وشد أزرنا ونصرنا على الظالمين وما كنا بغيره منتصرين والرحمة لشهدائنا والفرج لمفقودينا والصحة والعافية لمصابينا وجرحانا». وأكد سموه رحمه الله في كلمته إن محنة الكويت كشفت عن الأصالة والعراقة والنبل لجميع قادة دول مجلس التعاون الخليجي وشعوبها ، فهؤلاء الإخوة جميعاً اثبتوا أن الإخوة والإخاء ليس كلاماً أجوف يردده اللسان ، بل إيمان راسخ في القلوب يظهر بجلاء عند الشدائد والمحن . و أشاد سموه رحمه الله أيضاً بالدور الكبير الذي قامت به الدول العربية والإسلامية الصديقة في تحرير دولة الكويت ، وكذلك الأصدقاء الأوفياء بعهودهم و الأعضاء في قوة التحالف الدولية الذين وضعوا كل طاقاتهم و إمكانياتهم من أجل الدفاع عن الحق والقانون والمثل السامية.
و قد كان للكويتيين دور كبير في المقاومة و التحرير ، حيث شكلت مواجهة هذا الشعب مرحلة فريدة في مسيرة هذا الوطن وكفاح أهله ، فقد دفع الكثير من أبناء دولة الكويت و بناتها أرواحهم فداءاً لهذا الوطن .
يوم السادس و العشرين من فبراير عام 1991م ، ليس كغيره من الأيام ، فهو اليوم الذي اختزل قصة شعب احتلت أرضه فقاوم وانتصر وتحرر من المحتل الآثم . ويجدد الكويتيون في هذا اليوم من كل عام امتنانهم لكل من ساند القضية الكويتية .
وافق النظام العراقي بعد التحرير على قرارات مجلس الأمن الدولي المتعلقة بغزو دولة الكويت وما ترتب عليه من التزامات متعددة تجاه دولة الكويت ، وبذلك حسمت تلك القرارات بشكل نهائي كل القضايا ذات الصلة بالغزو ومسبباته.
و بعد عودة سمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح – طيب الله ثراه - إلى أرض الوطن في 14 مارس عام 1991 م ، قام سموه رحمه الله بالعديد من الزيارات الرسمية و الودية شارك خلالها في العديد من المؤتمرات الإقليمية و الدولية ، و كانت أهداف هذه الزيارات تقديم الشكر لهيئة الأمم المتحدة ، و الدول الأعضــاء فيها ، بالإضافة إلى الدول التي أسهمت بقواتها المسلحة في عملية تحرير دولة الكويت ضمن التحالف الدولي ، على موقفهم المشرف تجاه قضية دولة الكويت العادلة . و عندما عادت الإدارة الكويتية إلى وطنها بعد تمام تحريره ، وضعت ونفذت خطة شاملة لإعادة اعمار دولة الكويت التي كانت مدمرة في معظمها ، ومنشآتها الأساسية معطلة ، وبنيتها الأساسية شبه ، مشلولة ونجحت في تنفيذ خطة للاعمار تكلفت ما يقرب من 70 مليار دولار ، واحتفلت بذلك ضمن احتفالها بإطفاء آخر بئر نفطية من الآبار التي كان العراقيون قد أشعلوا النار فيها قبل هزيمتهم ، في السادس من نوفمبر عام 1991 م . و للتعبير عن الاعتزاز بتاريخ السادس من نوفمبر عام 1991 م ، تقدمت دولة الكويت آنذاك ، بمشروع قرار إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة ، والداعي إلى إعلان السادس من شهر نوفمبر من كل عام يوماً دولياً للاحتفال بمنع استخدام البيئة في الحروب والصراعات العسكرية ، و الذي تمت الموافقة عليه في نوفمبر 2001. ويؤكد مشروع القرار إن الضرر الذي يصيب البيئة في أوقات الصراعات المسلحة ... يتلف النظم البيئية والموارد الطبيعية لفترة طويلة بعد فترة الصراع ، وغالباً ما يتجاوز حدود الأراضي الوطنية والجيل ، الحالي ويطالب المشروع كذلك بضرورة المحافظة على الطبيعة من أجل مستقبل الأجيال المقبلة وتطرق إلى الفقرة الرابعة من المادة التي تنص على أن (( تمتنع جميع الدول الأعضاء في علاقتها الدولية عن التهديدات باستعمال القوة أو استعمالها ضد سلامة أية دولة.....)).